أم المؤمنين "سودة بنت زمعة" رضي الله عنها

أم المؤمنين "سودة بنت زمعة" رضي الله عنها
أم المؤمنين "سودة بنت زمعة" رضي الله عنها 

أم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة

كان رحيل السيدة خديجة رضي الله عنها مثيرا لأحزان كبرى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصَّة أن رحيلها تزامن مع رحيل عمِّه أبي طالب حتى سُمِّي هذا العام بعام الحزن.

وفي هذا الجو المعتم حيث الحزن والوَحدة، وافتقاد مَنْ يرعى شئون البيت والأولاد، أشفق عليه أصحابه رضوان الله عليهم، فبعثوا إليه خولة بنت حكيم السلمية -رضي الله عنها- امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه تحثُّه على الزواج من جديد.

خطبه سودة لرسول الله 

وهنا جاءته خولة رضي الله عنها، فقالت:
 يا رسول الله، ألا تتزوَّج؟
فقال: "ومَنْ؟"
قالت: إنْ شئتَ بكرًا، وإنْ شئتَ ثيِّبًا.
فقال: "ومَنِ الْبِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّبُ؟"
قالت: أمَّا البكر فابنة أحبِّ خلق الله إليك، عائشة رضي الله عنها، وأما الثيِّب فسودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك.
قال: "فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ".
فانطلقت السيدة خولة -رضي الله عنها- إلى السيدة سودة، فقالت: ما أدخل الله عليك من الخير والبركة!
قالت: وما ذاك؟
قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك إليه.
قالت: وَدِدْتُ، ادخلي إلى أبي فاذكري ذلك له. وكان شيخًا كبيرًا قد أدركه السنُّ قد تخلَّف عن الحجِّ، فدخلت عليه، فحيَّته بتحية الجاهليَّة، فقال: مَنْ هذه؟
قالت: خولة بنت حكيم.
قال: فما شأنك؟
قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة.
فقال: كفء كريم، ما تقول صاحبتك؟
قالت: تحبُّ ذلك.
قال: ادعيها إليَّ. فدعتها.
قال: أيْ بُنَيَّة، إنَّ هذه تزعم أنَّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبكِ، وهو كفء كريم، أتحبِّين أنْ أزوِّجَكِ به؟
قالت: نعم.
قال: ادعيه لي.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوَّجها إيَّاه.
فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحجِّ، فجاء يحثي على رأسه التراب. فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة . 

سيرة السيدة سودة

هي أمُّ المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو، بنت أخي سلمى بنت عمرو بن زيد أمِّ عبد المطلب، تزوَّجها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمٍّ لها هو: السكران بن عمرو بن عبد شمس، وهاجر بها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها .
فأمست السيدة سودة -رضي الله عنها- بين أهل زوجها المشركين وحيدة لا عائل لها ولا معين؛ حيث أبوها ما زال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد الله بن زمعة على دين آبائه، وهذا هو حالها قبل زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها.

وتعدُّ السيدة سودة أوَّل امرأة تزوَّجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد خديجة، وكانت قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره، ولما سمع الناس في مكة بأمر هذا الزواج عجبوا؛ لأن السيدة سودة لم تكن بذات جمال ولا حسب، ولا مطمع فيها للرجال، 
وقد أيقنوا أنه إنما ضمَّها رفقًا بحالها، وشفقة عليها، وحفظًا لإسلامها، وجبرًا لخاطرها بعد وفاة زوجها إثر عودتهما من الحبشة، وكأنهم علموا أنه زواج تمَّ لأسباب إنسانيَّة.

صفات السيدة سودة

وتُطالعنا سيرة السيدة سودة -رضي الله عنها- بأنها قد جمعت ملامح عظيمة وخصالاً طيبة، كان منها أنها كانت معطاءة تُكْثِر من الصدقة، حتى إنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث إليها بغِرار من دراهم، فقالت: ما هذه؟ قالوا: دراهم. قالت: في غرارة مثل التمر؟ ففرَّقتها بين المساكين.

وقد وَهَبَتْ رضي الله عنها يومها لعائشة؛ ففي صحيح مسلم أنها:
 "لَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ: يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ" .

وقد ضمَّتْ إلى تلك الصفات لطافةً في المعشر، ودعابةً في الرُّوح؛ مما جعلها تنجح في إذكاء السعادة والبهجة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، 
فقد روى ابن سعد في طبقاته عن إبراهيم، قال: قالت سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت خلفك البارحة فركعت بي حتى أمسكتُ بأنفي مخافة أن يقطر الدم. قال: فضحك. وكانت تُضحكه الأحيان بالشيء .

وفاة السيدة سودة

توفيت أم المؤمنين سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- في آخر زمان عمر بن الخطاب، ويقال: ماتت -رضي الله عنها- سنة 54هـ. 

المصادروالمراجع
د. راغب السرجاني

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسماء شخصيات قصه يوسف عليه السلام

كلمات أغنيه قواعد العشق الاربعون

الأسراء والمعراج|لقاء محمد ﷺ بالله.