أبو بكر الصديق

أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق 
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، سمّاه الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعبد الله بعد أن كان يسمّى بالجاهلية عبد الكعبة؛ ويلتقي نسب أبو بكر -رضي الله عنه- مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الجد السادس مرّة بن كعب، كان يلقّب في الجاهلية بالصدّيق، وقد كان من وُجهاء قريش وأحد أشرافهم، كما كان موكّلاً بالدِيات، وقد ناداه الرسول -عليه الصلاة والسلام- بهذا اللقب لكثرة تصديقه إيّاه، فقد كان أوّل من صدّق النبي في حادثة الإسراء والمعراج، ومن ألقابه أيضًا العتيق، فقد لقّبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالعتيق لأنه كان حسن الوجه جميل

نشأته 

وُلد الصدّيق -رضي الله عنه- في مكة المكرمة أم القرى في السنة الثالثة من ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وقد نشأ -رضي الله عنه- وترعرع في موطن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بمكة المكرمة في بيت والده، وكان عزيزاً متواضعاً ذا مكانةٍ في قومه بني تيم، وهو من شرفاء مكة، كانت البيئة حوله مليئةً بالفساد، ولكنّه كان سليم الفطرة عفيفاً، لم يتأثّر ببيئة المنكرات، فكان ذو بصيرةٍ مُدركاً أن الخمر تُذهب العقل وتخدش المروءة فما شربها في الجاهلية، ولم يسجد لصنمٍ قط، فقد رأى أن ذلك يخلّ بالفطرة السليمة، ولم يقتل الأولاد خوفًا من الفقر، وكان -رضي الله عنه- يتجنّب مجالس قومه ولهوهم وإثمهم، فلم يجتمع معهم إلا في الأخلاق الحميدة والفضائل.

إسلامه 

كان الصّديق -رضي الله عنه- تاجراً معروفاً في قريش، ذا علمٍ وعقلٍ، مرشداً لقومه، محبوباً بينهم، جميل المجالسة، وكان -رضي الله عنه- صديق رسول الله -عليه السلام- في طفولته وشبابه قبل الإسلام وبقي على ذلك بعده، وعندما نزل الوحي على سيدنا محمد -عليه السلام- كان الصديق أوّل من علم بذلك، فقد أخبره- عليه الصلاة والسلام- عن الوحي والإيمان بالله وتوحيده، فما كان منه -رضي الله عنه- إلا أن قال: "صدقت"، فما شهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذباّ منذ طفولته، فأسلم -رضي الله عنه- خاضعاً مستسلماً لله تعالى، وكان أوّل من أسلم من الرجال رضي الله عنه.

صفاته

 الصفات الخَلقيَّة كان الصديق -رضي الله عنه- جميل الخِلقة، وقد وصَفته ابنته عائشة -رضي الله عنها- قائلة: "رجلٌ أبيض، نحيف، خفيف العارضين أجنأ -أي: منحني الظهر-، معروق الوجه -أي: قليل لحم الوجه-، غائر العينين. الصفات الخُلُقيَّة بالرغم من مكانة الصديق -رضي الله عنه- وقربه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلّا أنّه كان متواضعاً متأثّراً بأخلاق الرسول عليه السلام، ويتّصف بالأخلاق الكريمة المحبّبة لطبائع البشر، وقد كان لطيفاً رقيقاً رفيقاً رحيماً بالضعفاء والمساكين، فقد قال الرسول -عليه السلام- عنه: (أرحمُ أُمَّتي بِأُمَّتي: أبو بكرٍ)،فكان القوم يحبّون مجالسته لحسن معاشرته لهم، وحسن منطقه، ورزانة عقله، عُرف بلينه وكرمه وسخائه، كان صدقه يدلّ عليه، فما شهد القوم عليه كذبًا قط، وكان رجلاً وقوراً ذا عزّة، عظيم الحياء، كثير الحلم، اجتمعت فيه -رضي الله عنه- أفضل الأخلاق وأرفعها.

زوجاته وأولاده 

تزوّج -رضي الله عنه- قبل الاسلام وبعده أربع زوجات، وأنجب منهّن ستة أولاد، فيما يأتي ذكرهم: تزوّج من قتيلة بنت عبد العزى، وأنجبت له أسماء وعبد الله رضي الله عنهم، وقد طلّقها قبل الاسلام. تزوّج من أم رومان بنت عامر بنت عويمر، وأنجبت له عبد الرحمن وعائشة رضي الله عنهم، وأسلمت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. تزوج من أسماء بنت عميس وذلك بعد استشهاد زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنجبت له محمد رضي الله عنه، وكانت من المهاجرات، وأسلمت رضي الله عنها. تزوّج من حبيبة بنت خارجة بنت زيد الخزرجية، وأنجبت له أم كلثوم بعد وفاته. تولّيه الخلافه كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أوّل الخلفاء الراشدين، فقد بويع -رضي الله عنه- للخلافة في يوم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة الحادية عشرة للهجرة، فقد اجتمع الصحابة -رضوان الله عليهم- على أحقّية خلافة الصديق رضي الله عنه، ولا تجتمع الأمة على ضلالة، وسمّي خليفة رسول الله،وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُقدّم الصديق إماماً للصلاة دون غيره من الصحابة؛ وذلك لفضله و مكانته في الدعوة، وقد كانت مدة خلافته سنتين وثلاث شهور، وهي مدةٌ قصيرةٌ لكنّها كانت فترة مهمة وعظيمة للدعوة ونشرها.

شجاعته

 كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من أشجع الصحابة، فقد كان ثابت القلب، قوي اليد، و له من التضحيات ودفاعه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورسالته ما يثبت ذلك، ومن ذلك ما رُوي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ: أخْبِرْنِي بأَشَدِّ شيءٍ صَنَعَهُ المُشْرِكُونَ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: بيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في حِجْرِ الكَعْبَةِ، إذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ في عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا فأقْبَلَ أبو بَكْرٍ حتَّى أخَذَ بمَنْكِبِهِ، ودَفَعَهُ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ))


إنجازاته

 قام أبو بكر الصّديق بالكثير من الأعمال زمن خلافته، وفيما يأتي بيان بعض إنجازاته: قام بالحرب على المرتدّين، فقد شاعت الأخبار بأنّ عدداً من القبائل ارتدّت عن الدّين بعد وفاة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فكان لا بدّ من الحزم في هذه المسألة وعدم تركها تساهلاً، فجهز أبو بكر الجيوش لمقاتلة المرتدّين عن الدّين، وكانت معركة اليمامة من أهمّ المعارك التي قُتل فيها مسيلمة الكذّاب الذي ادّعى النبوّة بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. جَمْع القرآن الكريم، إذْ لم يكن القرآن الكريم مجموعاً في مصحف واحد، بل كان متفرّقاً كلّ سورةٍ أو جزء منها في مجموعة أوراق، وبعدأن استشهد الكثير من الصّحابة وحفظة القرآن في حروب الرّدّة اقترح عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- على أبي بكر أن يُجمع القرآن بين لوحين حفظاً له فتردّد ثمّ انشرح صدره، وبدأ باختيار الصّحابة الذين سيوكّل لهم هذه المهمّة العظيمة، فاختار على رأسهم زيد بن ثابت رضي الله عنه. سيّر أبو بكر جيش أسامة، حيث كان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عقد لواء جيش أسامة قبل وفاته، وكان الجيش متوجّهاً لقتال الرّوم في الشّام، وبالرّغم من المصائب التي حلّت بالمسلمين من ارتداد بعض القبائل، وتجهيز عدداً كبيراً من الجيوش لمحاربة المرتدّين إلّا أنّ أبا بكر أصرّ على خروج جيش أسامة في المهمّة التي وضعها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، إذ لم يشأ أن يحلّ لواءً عقده الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. أغاث أبو بكر المحتاج وحقّق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، فكان بيت مال المسلمين قبلةً للفقراء، ولمّا توفّي أبو بكر لم يكن في بيت المال إلّا درهم واحد.

وفاته

 تروي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن الصدّيق -رضي الله عنه- مات متأثّراً بمرضه بعدما اغتسل في ليلةٍ شديدة البرد، فأصيب على إثرها بالحمّى، ولم يستطع أن يخرج للصلاة خمسة عشر يوماً، وقد أوصى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بإمامة الناس لصلاة الجماعة نيابةً عنه إلى أن توفي في ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر آب من عام ستمئة وأربعة وثلاثين ميلادية، وكان عمره ثلاثاً وستين عاماً كما كان عمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- حين توفّي، وأوصى -رضي الله عنه- زوجته أسماء وابنه عبد الرحمن -رضي الله عنهم- بغسله، وصلّى بالناس صلاة الجنازة عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحُمل -رضي الله عنه- على الخشبة التي حُمل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأوصى عائشة -رضي الله عنها- أن يُدفن بجانب قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فنفّذت ابنته أم المؤمنين وزوجة النبي وصيّته، ودُفن بجانب صاحبه عليه الصلاة و السلام. تألّم الصحابة -رضوان الله عليهم- وضجّت المدينة بالحزن الشديد على وفاته رضي الله عنه، واهتزّت مكة المكرمة بهذا الخبر الأليم وقالت ابنته الصدّيقة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في رثائه: "نضّر الله وجهك، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلّا بإعراضك عنها، وللآخرة معزّا بإقبالك عليها، ولئن كان أجلّ الحوادث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رزؤك، وأعظم المصائب بعده فقدك، إن كتاب الله ليعد بالعزاء عنك حسن العوض منك، فأنا أنتجز من الله موعوده فيك بالصبر عليك، وأستعيضه منك بالدعاء لك، فإنا لله وانا إليه راجعون،عليك السلام ورحمة الله، توديع غير قالية لحياتك، ولا زارية على القضاء فيك.

المصادر والمراجع

.محمد طقوش (2003)، تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية، الاردن: دار النفائس، صفحة 13. بتصرّف.

أ ب "أبو بكر الصديق رضي الله عنه"، www.alukah.netwww.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-15


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلمات أغنيه قواعد العشق الاربعون

أسماء شخصيات قصه يوسف عليه السلام

الأسراء والمعراج|لقاء محمد ﷺ بالله.