أيوب عليه السلام



يقول البشر عن صبر أعظم الصابرين فيھم حين يبلغ زروته بأنه كصبر أيوب وقد كان أيوب مثالا للصبر في كل لغة ودين وثقافة.
أيوب عليه السلام
أيوب عليه السلام
كان أيوب من سلالة سيدنا إبراھيم . وتبدأ قصته بأنه ذات يوم كانت ملائكة الأرض تتحدث فيمابينھم عن الخلق وعباداتھم فقال واحد منھم : ما على الأرض اليوم خير من أيوب ھو أعظم المؤمنين إيمانا وأكثرھم عبادة وشكراً على نعمه ودعوة له. وسمع الشيطان ما يقال فساءه ذلك وطار إلى أيوب محاولاً إغواءه ولكن أيوب نبي وقلبه ملئ بالحب ولم يستطع الشيطان أن يغويه.

 كان أيوب غاية في الثراء كان يعيش في سوريا. كان له ھناك سلطان ونفوذ، بساتين وأراضي وماشية وكثير من الأولاد وزوجة صالحة محبة له وكثير من الجواري والعبيد وأنعم لله عليه بنعمة النبوة. وكان ذو مكانة عظيمة بين قومهأراد لله أن يختبر إيمانه ويبتليه، ولم يبتلي الله  أي نبي آخر بأعظم من ھذا الإبتلاءجاءت ريح عاصفة أتت على أرض أيوب وأملاكه وزروعه ومواشيه ودمرتھا جميعاً وإنحدر أيوب من قمة الثراء إلى حضيض الفقر فجأة

وكان رد فعل أيوب أنه قال "وديعة لله إستردھا، كانت عندنا فأخذھا، نعمنا بھا دھراً فالحمدعلى ما أنعم وسلبنا إياھا اليوم فله الحمد معطيا وسالبا راضيا وساخطا". ثم خر أيوب ساجداً 

بعد ذلك زُلزل البيت الذي كان يسكنهُ أيوب وأسرته فقُتل جميع أولاده وھنا قال أيوب داعياالله أعطى ولله أخذ فله الحمد معطيا وسالبا نافعاً وضاراً ثم خر ساجداً .  ثم بعد ذلك أصيب أيوب في جسده من رأسه إلى قدميه ، مرض مرضاً جلدي اً ؛ راح لحمه يتساقط ويتقيح حتى ھجره الأھل والصحاب ولم يصمد معه فى محنته إلا زوجته. وظل أيوب على صبره وشكره تعالى حامدا إياه على أيام الصحة وعلى بلاء المرض. وصل الأمر إلى أسوأه عندما طرد أھل القرية أيوب خارج القرية خوفا من أن يصيبھم بالعدوى وألقوه في مقلب القمامة خارج قريتھم.

طال مرض أيوب واستطال بلاؤه وعظم ھجران الناس له حتى صار يقضي أيامه كلھا وحيدا مع المرض والحزن والوحدة ورغم ذلك لم ينسى الصبر وكان صبره متجاوزا لبلاؤه ومتفوقا عليهوكانت زوجة أيوب تخدم الناس بالأجر، لتحضر الطعام لأيوب الذي لم يعد قادراً على الحركة. ثم إن الناس توقفوا عن إستخدامھا ، لعلمھم أنھا امرأة أيوب، خوفاً أن ينالھم من بلائه، أو تعديھم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمھا باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيھا بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب . فلما كان الغد باعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لھا ھذا الطعام؟ فكشفت عن رأسھا خمارھا، فلما رأى رأسھا محلوقاً، قال في دعائه "رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين".

ذات يوم ملأ اليأس قلب زوجة أيوب وذھبت إليه تقول له : يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فغضب أيوب وسألھا : كم مكثنا في الرخاء ؟ قالت: ثمانين سنة ثم قالوكم لبثنا في البلاء ؟ قالت سبع سنوات . فقال: أستحي من لله أن أطلب منه رفع بلائي بعد كل الوقت الذي قضيته في الرخاء . لقد بدأ إيمانك يضعف لئن برئت وعادت إلى قوتى لأضربنك مائة عصا فإذھبي عنى

وذھبت زوجته وبقي أيوب وحيداً صابراً يحتمل ما لا تحتمله الجبال. أخيراً فزع إلى لله داعيا لا متبرما ولا ساخطا ودعا لله أن يشفيه ويذھب عنه البلاءذات يوم نزل جبريل بأمر لله على أيوب وأمره أن إضرب الأرض برجلك فإمتثل ما أمر به ، فأنبع الله له عيناً باردة الماء ، وأمره أن يغتسل فيھا ويشرب منھا، فأذھب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاھرة وباطنة، وعاد شاباً جميلاً أفضل مما كان قبل مرضه. يقول تعالى : " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ھَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ " سورة ص 42 

فلما عادت زوجته لم تعرفه وسألته: إنك تشبه زوجي المريض في شبابه، ھل رأيت رجلاً مريضاً كان يجلس ھا ھنا ؟ فرد عليھا: أنا أيوب زوجكوھب لله لأيوب أضعاف ثروته كرما من عنده فلم يعد أيوب فقير اً. عادت إليه صحته بعد طول مرض وعادت زوجته شابه جميلة ووھبه لله أولاداً كثيرون. يقول تعالى :
وَوَھَبْنَا لَهُ أَھْلَهُ وَمِثْلَھُمْ مَعَھُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ "سورة ص 43 

ولما كان أيوب قد أقسم أن يضرب زوجته مائة ضربة إذا شفاه الله ، لم يرد أن يحنث فى قسمه ولكنه فى نفس الوقت كان يشعر بالشفقة على زوجته المخلصة التى عانت معه سنوات مرضه وفقره تواسيه وترعاه بعد أن ھجره الأھل والأصحاب بكل حب واخلاص فأحس بالإحراج وطلب العون من الله فأمره لله أن يجمع حزمة من أعواد الريحان عددھا مائة ويضرب بھا إمرأته ضربة واحدة وبذلك يكون قد بر بقسمه .يقول الله تعالى "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " سورة ص 44 

وعاش أيوب سعيداً وسط أھله وثروته ونعم لله عليه ، يجني ثمرة صبرهوھكذا بعد موته ظل أيوب رمز الصبر لكل البشرية.  هذا الصبر الذي نبحث عنه ولا نجده في حياتنا اليومية برغم أن إبتلاءاتنا أقل بكثير من إبتلاءات أيوب عليه السلامقال لله تعالي"وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَالَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَ ينَاهُ أَھْلَهُ وَمِثْلَھُمْ مَعَھُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ" سورة الأنبياء 83

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسماء شخصيات قصه يوسف عليه السلام

كلمات أغنيه قواعد العشق الاربعون

الأسراء والمعراج|لقاء محمد ﷺ بالله.