قصة الأبرص والأقرع والأعمى


المؤمن ھو الذي يعرف ربه ، ويعترف له بنعمه ، ويؤدي شكرھا في جميع الأحوال ، في حال الشدة والرخاء ، والضراء والسراء ، وھذا ھو مقتضى العبودية لله رب العالمين ، وھناك طائفة من الناس لا يعرفون لله إلا عند نزول البلاء والشدة ، فإذا كشفھا عنھم عادوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والعناد والإستكبار ، كأن لم يصابوا بشيء قبل ذلك ، قال سبحانه "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون " .
قصة الأبرص والأقرع والأعمى
قصة الأبرص والأقرع والأعمى
ھذه قصة ثلاثة نفر من بني إسرائيل ، أصيب كل واحد منھم ببلاء في جسده ،فأرد الله عز وجل أن يختبرھم , ليظھر الشاكر من الكافر ، فأرسل لھم مَلَكًا ، فجاء إلى الأبرص فسأله عن ما يتمناه ، فتمنى أن يزول عنه برصه ، وأن يعطى لونا حسنا وجلدا حسنا ، فمسحه فزال عنه البرص ، وسأله عن أحب المال إليه ، فإختار الإبل ، فأعطي ناقة حاملاً، ودعا له الملك بالبركة ، ثم جاء إلى الأقرع ، فتمنى أن يزول عنه قرعه ، فمسحه فزال عنه, وأعطي شعرا حسنا ، وسأله عن أحب المال إليه فإختار البقر ، فأعطي بقرة حاملاً ، ودعا الملك له بالبركة ، ثم جاء الأعمى ، فسأله كما سأل صاحبيه، فتمنى أن يُرَدَّ عليه بصره ، فأعطي ما تمنى ، وكان أحب الأموال إليه الغنم ، فأعطي شاة حاملاً .

ثم مضت الأعوام ، وبارك لله لكل واحد منھم في ماله ، فإذا به يملك واديًا من الصنف الذي أخذه ، فالأول يملك واديًا من الإبل ، والثاني يملك واديًا من البقر ، والثالث يملك واديًا من الغنم ، وھنا جاء موعد الإمتحان الذي يفشل فيه الكثير وھو إمتحان السراء والنعمة فبعض الناس قد يصبر على الشدة ولكنه لا يعرف حق النعمة ، مع أن الكل بلاء وفتنة ، قال عز وجل"ونبلوكم بالشر والخير فتنة " الأنبياء ( 35 )

فعاد إليھم الملك ، وجاء كل واحد منھم في صورته التي كان عليھا ،ليذكر نعمة لله عليه, فجاء الأول على ھيئة مسافر فقير أبرص ، إنقطعت به السبل وأسباب الرزق ، وسأله بالذي أعطاه الجلد الحسن واللون الحسن ، والمال الوفير ، أن يعطيه بعيرًا يواصل به سيره في سفره , فأنكر الرجل النعمة , وبخل بالمال ، وإعتذر بأن الحقوق كثيرة ، فذكره الملك بما كان عليه قبل أن يصير إلى ھذه الحال ، فجحد وأنكر ، وإدعى أنه من بيت ثراء وغنى ، وأنه ورث ھذا المال أبا عن جد، فدعا عليه المَلَك إن كان كاذبًا أن يصير إلى الحال التي كان عليھا

ثم جاء الأقرع في صورته ، وقال له مثل ما قال للأول ، وكان حاله كصاحبه في الجحود والإنكار . أما الأعمى فقد كان من أھل الإيمان والتقوى ، ونجح في الإمتحان ، وأقر بنعمة لله عليه ، من الإبصار بعد العمى ، والغنى بعد الفقر ، ولم يعط السائل ما سأله فقط ، بل ترك له الخيار أن يأخذ ما يشاء ، ويترك ما يشاء ،وأخبره بأنه لن يشق عليه برد شيء يأخذه أو يطلبه من المال ، وھنا أخبره الملك بحقيقة الأمر وتحقق المقصود وھو إبتلاء الثلاثة وأن لله رضي عنه وسخط على صاحبيه . 

فھؤلاء الثلاثة يمثلون أصناف الناس ، الشاكرون لأنعم لله ، والكافرون بھا ، وهو يدل على أن لله لايزال يبتلي العباد بالسراء والضراء كما إبتلى ھؤلاء الثلاثة ، ليتبين الشاكر من الكافر ، وأن النعم إنما تدوم بالشكر ، وھو الإعتراف بھا للمنعم ، والتحدث بھا بين الناس ، وتصريفھا في مرضاته ، فبھذه الأمور تحفظ النعم من الزوال .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسماء شخصيات قصه يوسف عليه السلام

كلمات أغنيه قواعد العشق الاربعون

الأسراء والمعراج|لقاء محمد ﷺ بالله.