عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب

عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، شهد معه حجة الوداع، أمه أم الفضل الهلالية لبابة الكبرى بنت الحارث. ولد قبل الهجرة بسنتين، وهو أصغر من شقيقه حبر الأمة عبدالله بن عباس بسنة، رضي الله عنهما، أسلم عبيد الله مع أبيه، وهاجر معه، ولم يشهد فتح مكة لصغر سنه، ومات النبي وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب


كان مشهوراً بين العرب والصحابة بالجود والكرم، وهو أول من فطّر جيرانه في شهر رمضان، وأول من وضع الموائد في الطرق يأكل منها الصائمون، وكان عبيد الله وسيماً جهير الصوتِ يشبه أباه في الجمال، أحد أجواد الإسلام يلقب بتيار الفرات لسخائه، وكان رضي الله عنه ينحر كل يوم جزورا، فنهاه أخوه عبد الله، فلم ينته، ونحر كل يوم جزورين، قال أبان بن عثمان: أراد رجل أن يُضارَّ عبيد الله بن عباس، فأتى وجوه قريش، فقال: يقول لكم عبيد الله تغدَّوا عندي اليوم، فأتوه حتى ملأوا عليه الدار، فقال: ما هذا؟ فأُخْبِر الخبر، فأمر عبيد الله بشراء فاكهة، وأمر قوما فطبخوا وخبزوا، وقدمت الفاكهة إليهم، فلم يفرغوا منها حتى وُضعت الموائد، فأكلوا حتى صدروا، فقال عبيد الله لوكلائه: أو موجود لنا هذا كل يوم؟ قالوا: نعم، قال فليتغدّ عندنا هؤلاء كل يوم وكان رضي الله عنه مشهوراً بين العرب والصحابة بالجود والكرم، لفرط جوده يسمى معلم الجود، وكانت نفقته في كل يوم خمس مئة دينار، وإذا خرج من دوره طعام إلى رحابه ومساجده لا يرد إليها منه شيء، فإن لم يجد من يأكله ترك مكانه فربما أكلته السباع، وكان هو والناس في ماله سواء، من سأله أعطاه ومن لم يسأله ابتدأه، فلا يرى أنه يفتقر فيقتصر ولا يرى أنه يحتاج فيدخر، وكان يقال من أراد الجمال والفقه والسخاء، فليأت دار العباس، فالجمال للفضل والفقه لعبد الله والسخاء لعبيد الله.

خرج عبيد الله من المدينة المنورة يريد الشام، وبينما هو في الطريق ليلاً نزل مطر غزير، فنظر فرأى ناراً مشتعلة غير بعيدة، فقال لغلامه الذي يرافقه، مل بنا إليها، فلما أتاها، وجد عندها شيخاً رث الثياب، فحياه الشيخ، ثم دخل داره وقال لزوجته هيئي شأنك لنقضي حق هذا الرجل، فقد توسمت فيه الخير، قالت أنت تعرف ما عندنا من طعام إلا هذه الشاة ومعيشة صبيتنا منها، وأخاف الموت عليهم إن فقـدوها، قال العجوز: الموت أهون من اللؤم والبخل، ثم جر الشاة فذبحها وسلخها وقطعها وطبخها لضيفه وغلامه، وما بقي قدمه إليهما في الصباح، وعند الرحيل قال عبيد الله لغلامه: اعط الشيخ ما تحمل من مال لا تستبق منه إلا القليل، فقال الغلام: يا سيدي ذبح الرجل لك شاة فتكافئه بثمن قطيع، إنه لا يعرفك، فقال عبيد الله ويحك إنه لم يكن يملك من الدنيا غير هذه الشاة، فجاء لنا بها، وإن كان لا يعرفنا، فأنا أعرف نفسي، أعطه خمس مئة دينار.
وفيه يقول الشاعر:

وفي السّنة الشهباء أطعمت حامضا
وحلوا ولحما تامكا وممزّعا
وأنت ربيع لليتامى وعصمة
إذا المحل من جوّ السّماء تطلّعا
أبوك أبو الفضل الذي كان رحمة
وغوثا ونورا للخلائق أجمعا

قال الواقدي‏:‏ تُوفي عبيد الله بالمدينة في أيام يزيد بن معاوية وقال مصعب‏: مات باليمن،‏ وقيل:‏ مات في خلافة عبد الملك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسماء شخصيات قصه يوسف عليه السلام

كلمات أغنيه قواعد العشق الاربعون

الأسراء والمعراج|لقاء محمد ﷺ بالله.